مرض السكري: مرض العصر وأحد أكبر التحديات الصحية

إعداد: د.فراس جبور

مقدمة
يُعتبر مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، ويشكل تحديًا صحيًا كبيرًا نظرًا لتأثيره على مختلف أجهزة الجسم. يتميز المرض باختلال قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر (الغلوكوز) في الدم، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة طويلة الأمد تؤثر على القلب، الأعصاب، الكلى، والعيون. مع تزايد معدلات الإصابة به، أصبح من الضروري فهم أسبابه، أنواعه، طرق علاجه، وأفضل سبل الوقاية منه.

ما هو مرض السكري؟
يحدث السكري عندما يعجز الجسم عن إنتاج الأنسولين بكميات كافية، أو عندما تصبح الخلايا مقاومة لتأثيره، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. والأنسولين هو الهرمون المسؤول عن نقل الغلوكوز من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كمصدر للطاقة. عند حدوث خلل في هذا النظام، يتراكم السكر في الدم، مما قد يسبب أضرارًا صحية خطيرة مع مرور الوقت.

أنواع مرض السكري
هناك ثلاثة أنواع رئيسية لمرض السكري، تختلف في أسبابها وطرق علاجها:

1. السكري من النوع الأول
– سببه مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين.
– عادةً ما يُشخص في مرحلة الطفولة أو المراهقة.
– يتطلب العلاج بحقن الأنسولين مدى الحياة.

2. السكري من النوع الثاني
– يحدث بسبب مقاومة الخلايا للأنسولين أو نقص إنتاجه.
– يرتبط بالسمنة، قلة النشاط البدني، والعوامل الوراثية.
– يمكن التحكم فيه عبر تعديل نمط الحياة، الأدوية، أو الأنسولين في الحالات المتقدمة.

3. سكري الحمل
– يظهر أثناء الحمل بسبب التغيرات الهرمونية.
– غالبًا ما يختفي بعد الولادة، لكنه يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني لاحقًا.

تشخيص مرض السكري
يتم تشخيص السكري عبر الفحوصات التالية:

سكر الدم الصائم (FBS):
– طبيعي: أقل من 100 ملغ/ديسيلتر.
– ما قبل السكري: 100-125 ملغ/ديسيلتر.
– السكري: 126 ملغ/ديسيلتر أو أعلى.

اختبار تحمل الغلوكوز (OGTT) بعد ساعتين:
– طبيعي: أقل من 140 ملغ/ديسيلتر.
– ما قبل السكري: 140-199 ملغ/ديسيلتر.
– السكري: 200 ملغ/ديسيلتر أو أعلى.

الهيموغلوبين السكري (HbA1c):
– طبيعي: أقل من 5.7%.
– ما قبل السكري: 5.7%-6.4%.
– السكري: 6.5% أو أعلى.

السكر العشوائي (RBS):
– إذا كان 200 ملغ/ديسيلتر أو أكثر مع أعراض السكري، يُشخص المرض.

مقاومة الأنسولين
هي حالة تقل فيها استجابة الخلايا للأنسولين، مما يجبر البنكرياس على إفراز المزيد منه. مع الوقت، قد يؤدي ذلك إلى السكري من النوع الثاني.

أسبابها:
– السمنة (خاصة دهون البطن).
– قلة الحركة والنشاط البدني.
– الإكثار من الكربوهيدرات المكررة والسكريات.
– العوامل الوراثية.

الوقاية والعلاج:
– ممارسة الرياضة بانتظام (مثل المشي وتمارين القوة).
– اتباع نظام غذائي غني بالألياف وقليل السكريات.
– فقدان الوزن الزائد.

المضاعفات المحتملة
إذا لم يُتحكم في السكري، فقد يؤدي إلى:
– أمراض القلب والجلطات.
– تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي).
– الفشل الكلوي.
– مشكلات العين (مثل اعتلال الشبكية).
– القدم السكرية (قد تصل إلى البتر).

الإسعافات الأولية لاضطرابات السكر

1. انخفاض السكر (أقل من 70 ملغ/ديسيلتر)
الأعراض: دوار، تعرق، رعشة، جوع شديد، تشوش الرؤية.
الإسعاف:
– إعطاء 15 غرامًا من السكر سريع الامتصاص (عصير، عسل).
– إعادة القياس بعد 15 دقيقة، وتكرار الجرعة إذا لزم الأمر.
– في حال الإغماء: حقن الغلوكاغون والاتصال بالطوارئ.

2. ارتفاع السكر (أكثر من 250 ملغ/ديسيلتر)
الأعراض: عطش، تبول متكرر، غثيان، ضيق تنفس
الإسعاف:
– شرب الماء لتفادي الجفاف.
– فحص الكيتونات في البول.
– التوجه للمستشفى عند وجود قيء أو ضيق تنفس.

العلاج والوقاية
– النوع الأول:يعتمد على الأنسولين مع مراقبة مستمرة.
– النوع الثاني:يشمل أدوية (مثل الميتفورمين) وتعديل نمط الحياة.
– الوقاية:الرياضة، الغذاء الصحي، تجنب السمنة.

خاتمة
يمكن التعايش مع السكري عبر التحكم في مستويات السكر واتباع نمط حياة صحي. الوعي بأعراضه ومضاعفاته يساعد في تجنب المخاطر، مما يجعل الوقاية والعلاج الفعال ممكنًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *